السبت، 8 ديسمبر 2012

ضربُ اللسان ..


17/6

][ لا للسخرية ][

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


إن أكثر ما أكرهه في هذه الحياة هو السخرية ..

كأن يسخر الكبير من صغير
أو غني من فقير
أو معافى من مريض
أو عالم من جاهل ..
الخ ..

فعندما نفعل ذلك قد نتسبب في إصابة أحدهم بامراض نفسية أو الموت كمداً وحزناً ..
خصوصاً لأولئك الذين يملكون نفوس رقيقة وقلوب زجاجية ..

قبل قليل شاهدت مقطع فيديو عن اثنان وضعوا آلة تدور في مكان يكثر فيه عمال البناء ..
وعلى ما يبدوا بأن عمال البناء يجهلون ماهية الماكينة ..
فمنهم من سكب عليها الماء ومنهم من جلب عصاة طويلة لمحاولة ايقافها ..
إما المصور والمعلق كانوا يضحكون بجنون على جهل اولئك الرجال الآخرين ..
وما أغاضني حقاً أنهم وضعوا المقطع أمام الملأ ليتفرج عليه الناس ويضحكون من جهل أولئك الرجال ..


أو كتلك المذيعة التي سألت طفلاً هل أنت سعيد ؟
فأجابها لا فالمكان بارد وأنا ارتجف ..
فرفعت صوتها وسألت بقية الأطفال هل أنتم أيضاً تعانون من البرد ؟
فقال الأطفال بصوت واحد لا ..
قالت له أرأيت أنت الوحيد الذي يشعر بالبرد ..
فانحرج الطفل كثيراً وصار يتتأتأ في الكلام ..

أما من الحياة الواقعية أذكر حادثتان قالتها اثنتان من العزيزات أمامي لمحاولة إضحاكي ..

إحداهما قالت أنا أخاف من العجائز وما أن أرى عجوزاً إلا وأهرب منها وأنا أصرخ وكأنني رأيت شبحاً ..
قلت بتعجب ألا تعلمين أن العجائز هم الخير والبركة في بيوتنا ؟ وأنهم أيضاً كانوا شباباً يوماً ما ..
ماذا سيكون شعوركِ عندما تصبحين عجوزة ويهرب منكِ أحدهم خائفاً بسبب تجاعيد وجهك ؟
صمتت قليلاً وقالت أنا هكذا !

ذات مرة قالت لي أختي الصغيرة أن إحدى الزميلات أخبرتهن بأنها سافرت إلى أمريكا وأستراليا ووو ..
فسخرنا منها وقالت لها صديقتي تسافرين إلى مثل تلك الأماكن وأنتي لا تملكين ثمن اكسسوارات جديدة ؟!
فضحكنا منها واستمرت السخرية ..
قلت لها لعلها تمنت أن تسافر حقاً لذا قالت ما قالت فكيف تسخرون منها وتعيرونها باكسسواراتها .. ؟!
ما تربينا هكذا يا صغيرتي ربما أنتم كسرتم قلبها بهذا الكلام ..
فصمتت قليلاً وقالت بحياء لقد كنا نمزح ..


لقد علمتني الحياة أن أفكر قبل أن أتحدث خشية أن أجرح أحدهم أو أكسر قلبه بكلمة لا أقصد بها سوى الضحك ..
ولهذا كثيراً ما يصيبني الأرق ليلاً حينما أشعر بزلة لساني ..

فعندما يخطئ الصغير يجب أن نعلمه مكمن الخطأ وكيفية تصحيحه ..
بدلاً من الضحك عليه والسخرية منه ..

وعندما نرى الفقير يجب أن نساعده بدلاً من السخرية من فقره وقد يكون شيء خارج عن إرادته ..

كثيراً ما نقترف مثل هذه الأخطاء الصغيرة ويؤاخذنا بها الله دون أن نلتفت ..


قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ): "ضَرْبُ اللِّسَانِ أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ السِّنَانِ"

كان الله في العون ..



كوثر العوازم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق