الاثنين، 16 أكتوبر 2017

إني اهتديت

إني اهتديت يا حسين ..
قد دلّني على الهدى صوت وحيد يطوف حول الخيام باحثاً عن ناصرٍ والنصر المبين ..
لقد اهتديت حين رأيت ثوب السكينة ممزقاً ، يلتف حول معصمٍ كان ربيعاً ، صار خريف ..
إني اهتديت وكان الهدى صوت مناغاة الرضيع وعناق أزلي أبدي سرمدي ، قد فضّ قهراً فوق الوجيب ..
...
حين تناهى لمسامعي فزع الملائكة من صوت ارتطام العمود بالجبين ..
وانسحاب جسد النزاهة مهشماً فوق أراضي الخيانة والغليل ..
وأكفٌ طاهرات قد أسدلت على الضياء اليتيم صوت حزنٍ وعويل ..
وصغار تتراكض قد أبدلت صوت المرح بالبكاء والنحيب ..
قد ولى الأمان هارباً عنهم ، يلتمس من ربه أماناً من اقترافات البشر في حق النجيب ..
حين رأيت النهر يجري ماؤه وشفاه ذابلات وعيون من الشوق تسيل ..
حين أفزعني وجه الظلام جاثماً فوق الشبير ..
وأن للأخوّة كفوفاً قد أنكرت جسد العشير ..
وقِراباً مثقوبات ، قد ضاع منها الإرتواء ..
وشلال من دماء يغمر الريحان سُقيا يفوح منه شذىً فاضحاً وحقيق من عبير ..
اني اهتديت حين عاد الخيل مثخناً من رشق السهام ، جريحاً من الفقد العسير ..
وأقبلت إليك ناصراً بعدما سارت قوافل النساء تسوقها زجر السياط واجترار السلاسل الصريح ..
آهٌ يا إلهي من قيود كالثعابين تلتف حول غلامٍ للذبيح ..
ما كفاه الإغتراب حتى تصلب أفراحه كما عيسى المسيح ..
أقبلت بعدما انجلت الغبرة ولم يبقى فوق الرمال سوى ذكرى وضريح ..
التمس منك الندى يروي يبوس مدمعي ..
أبلّ ريقي بعذب مناجاتك وأفرد روح تفجُّعي ..
التمس اللحاق بركب اللاطمين على الصدور من هول المصاب ، قد تركت خلف قلبي مهجعي ..
إني اهتديت بعدما أسدل الستار على مسرحٍ من مصرعِ ..
أدور حول نفسي خائفاً خوف موسى وأترقّب أن يأتي الزمان بالثائرِ ..
كوثر  العوازم
1439هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق